اليوم شعرت بشئ من الرهبة .. و سرت قشعريرة باردة في نواحي جسمي حين قرأت الرسالة التي كتبتها إلى نفسي منذ ما يزيد عن أربعة أعوام ! ... وهذا شئ منها :
,, حبيبتي علياء
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,
إذا كنتِ على قيد الحياة ,,فأرجو أن تكوني بخير و بصحة و سعادة ,,والأهم أرجو أن تكوني إلى الله أقرب ...
أنت الآن في صيف عامك السادس و العشرين .. إذا لم أخطئ الحساب ....
ولابد أنك قد / 1- ....... 2-........ 3........ وربما أنه قد / 1- .......... 2- ........... 3- ...........
بعد أن وصفت الوقت و الجو و المكان و حتى وجبة الغداء و شيئاً من أحداث اليوم آنذاك , كتبت بعض الإنجازات المتوقعة في حياتي .. و بعض ما خمنتُ حدوثه في الدنيا يوم كنت في صيفي الثاني و العشرين ,لم يكن من بينها أحداث هذا العام من ثورات و انقلابات ,, و برامج و كتب ,, و تكنولوجيا صاخبة , لم يكن من بينها حسابي في الفيس بوك ولا تويتر و لا مدونتي البريئة الحبيبة إلى قلبي ,لم يكن من بينها الكثير مما استجد في حياتي.. وحياة أهلي و أقربائي .. حتى الكثير من أصدقائي الحقيقيين لم يكونوا موجودين وقتها !
تفكيري و أسلوبي في الكتابة تغيرا كثيراً ... كنت أبتسم أمام بعض السطور .. تحقق هذا ... و أحزن عند أخرى .. لم يتحقق ذلك.. وصفت حتى تفاصيل لوحة المفاتيح التي كنت أستخدمها و المكان الذي أرسلت منه هذا البريد .. عادت لي ذكريات ذلك الصيف ; ابتعت فيه حاسوبي الخاص الذي أرسل منه هذه الكلمات الآن !
شعرت بالنشوة ; فأربع سنواتٍ انقضت سريعاً لكن صوتي وصلني عبرها بكل الصدق و الصراحة و جميع الحب والاحترام .. لا حظت في نفسي تغييراً واضحاً .. و فهمتُ أشياء عني لم تكن تعرفني .. و صححت نظراتٍ عني كنت أراها بعين غيري.... أو بعين نفسي الساذجة .. تطورت في مواضع و بقيت كما أنا في مواقع أخرى ..
لا يستطيع أحد - كان خلاً مقربا ,, أو حبيباً مخلصاً - أن يخاطبك بمثل العمق الذي تحدّثُ به نفسَــك .. لا تحبك بالطريقة التي تريدها إلا ذاتُــك .. لا يفهمك جيداً إلا أنت .. لا يحاسبك من أجلك فعلاً إنسانٌ غيرك..
نعم تحتاج إلى رأي المقربين .. و نصيحة الأصدقاء .. و شفقة الأبوين و الإخوة .. ومخالطة الأحبة ... نعم ترى صورة لك في رفيق عمر ,, و أخٍ حانٍ ,, أو حبيبٍ مخلص.. لكنها أولاً و اخيراً صورة .. أنت تحتاج إليك كثيراً .. أن تصادقك وتفهمك ,, و تكتشف قدراتك و رغباتك .. لا قدرات الناس و رغباتهم ...
وحدك من البشر من يعلم سرك و جهرك , تلك النفس البشرية بكل ما فيها من متناقضات تعيش في تجانس حيناً .. تتعارك أحياناً ... و بكل ما فيها من ثوابت و متغيرات .. وجميع ما فيها من أسرار تخفى حتى عليك .. هي هبة الرحمن إليك تستحق تركيزك ,, و بعض وقتك ,, و إخلاصك و توازنك ....
أجمل لحظات عمري حين أوبخني فأسمعني ,, أعاتبني فـأسامحني ,, وأعود فأحبني .. حين أعرفُ عيبي و نضع سوياً خطة التحكم فيه ثم أرضى عني .. وأعرف تقصيري و أقطع الشك بمبادرتي الفعلية لجبر الخلل .... خُلقتُ روحاً تبحث بين الوجوه عن روحٍ .. بحثٌ لا ينتهي ولو وجدتُ ما أريدُ ألف مرة !
أن تكون أمتي أقوى هو حلم يبدأ بي .. كي أكون أقدر سأعمل جهداً كي أفهمُني .. سأخلصُ حين أجدُني .. سيبقى ما بيني و بين ربي طريق تصعد فيها أدعيتي و ذكري و صلاتي و تنزل فيها رحمات الله ورزقه وبركاته .. وابتلاءاته .. سأصبر عليها ... سأثق بمستقبلٍ سعيد تقر في أيامه عيني ,, و ينشرح في لياليه صدري .. أردد قول ربنا : ( أنا عند ظن عبدي بي , فليظن بي ماشاء ) و ( ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) و ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار)
تركتكم في حب وأمان .. و فيضٍ من أفكار .. سأكتب الآن رسالتي إلى نفسي بعد عامين أوبعد أربع .. إن كتب الله لي عمراً....
كونوا بخير ...