المتابعون

ترنيـــمة التخــرج


كلمة تخرج دفعة 425 ( 2010 ) كلية الطب البشري ,, جامعة الملك سعود

السلام عليكم
الحمد لله ..  والصلاة والسلام على رسول الله
أولا أحب أن أهنئ زميلاتي جميعا بخبر نجاحنا جميعا في آخر مادة والذي كان بالأمس ,وأرحب بالجميع في حفلنا. ( ابتسامة ساحرة )
معكم علياء أحمد عزت  .. بفضل الله وحده : الأولى على الدفعة ..
حديثي هو عن ليلة .. هي ليلة حادثتُ نفسي فيها .. عشتُ لحظاتٍ طربة .. سهري كان مع قصاصة ورق ..
ومع حلمي .. كتبتُ في القصاصةِ كلمة أحببتُ ان أنثر ورودها في ليلة تخرجي .. سألوني متى كانت تلك الليلة ؟
فأجبتهم : تذكرون ذاك اليوم الذي قضيته من أوله إلى آخره أدرس محاضرتنا الأولى في مادة التشريح ..محاضرة واحدة استهلكت يومي كله .. أطرقتُ فيها النظر إلى أحد الكتب .. كم بدا ضخماً غزير الصفحات !!..
 نظرةٌ حملت تعابيرُ الوجه حولها انهماكَ أفكار : كيف ومتى و ماذا ولماذا
لقد كان تجمعي مع زميلاتي هنا في كليتي عبر السنوات الخمس تجمعاً براقاً بكل فصوص الرقي والتميز ..
 ليلتي تلك التي كتبتُ فيها معظم كلمتي لهذا اليوم المميز كانت في طلائع سنة أولى طب . نعم, كتبت كلمة تخرجي في سنة أولى طب !!
وكنتُ كلما مرت الأيام تباعاً أقرِؤها فأعود لكتبي بروحٍ جديدة .. وعزيمةٍ من نوعٍ آخر ..كنتُ أزيدُ عليها وأنقص .. حتى إذا ازداد ازدحام الأفكار داخلي في سنة ثالث طب زادت الأسطر .. فخططتُ سطراً جديدا :
أريد أن أكون في مرتبة معينة .. وترتيب محدد..
كنتُ كلما قابلت إحدى زميلاتي يشردُ تفكيري إلى حيث يوم تخرجنا : ترى كيف ستبدو يومها حبيبتي تلك ؟؟ ..
 كل واحدة منكن .. زميلة .. طبيبة .. استشارية .. إدارية .. في سنواتنا الأساسية والإكلينيكية , كانت مصدر إلهام ..
لحرف .. لسطر .. لصيغة حماس وفرحة وسعادة ونشوة ..
وقد كنتُ أكبر وأتقدم .. تعيشُ معي قصاصتي و تكبر
كل اللحظات الصعبة .. القلق .. الانفعال  .. سوء التفاهم .. وجميع الأيام المبتسمة بأسنان بيضاء .. بالإنجازات ..بالتميز .. كلها كانت خبرة لي في حياتي تستحق الذكر .. شعوري بأني بين الصفوة .. أتعلم ُ من الصفوة ..
كي أكون طبيبة يجري الله على يديها العون والشفاء .. شعورٌ لا يُـقدر بثمن .. ولا أبتغي بغيره كنوز الدنيا ..
حبيباتي .. بنات دفعتي .. كلنا نادانا  أهلونا " يا دكتورة " منذ عامنا الأول في الجامعة حين كنا لا نكاد ندرس شيئا يمت للطب بصلة ..
اليوم .. نحن حقاً طبيبات .. بعد صبرٍ قليل المثل على مؤهل علمي هو الثانوية العامة  .. صبرنا ستاً من السنوات ومؤهلنا لازال ثانوية عامة .. آن أوان التغيير إلى " بكالوريوس طب وجراحة
" فهنيئا لنا
ألا.. فبوركت العيون .. وبوركت القلوب .. وبوركت النفوس والكتب والأقلام ..
بوركت أمي البعيدة .. كان قلبها و دعواتها رفيقان مخلصان .. بورك والدي .. كان حنانه وإشرافه واستشارته خير داعمٍ وحامٍ .. بوركت أيادي أساتذتي ..
وأستاذاتي طبيباتٌ يسطعن كالنجوم  .. بوركت شؤون الطالبات على حنوهم و تحملهم لمتاعبنا .. بوركت إدارة كليتي .. وبوركت عيني التي سهرت .. وحرمت نفسها كحل الأنوثة  أحياناً..
بوركت نفوسكن على هذا الصبر  .. وهذا الدعم
هذا الإنجاز هو خطوة رائدة وإن كانت الأولى لكنها تعني الكثير .. هي الأساسُ الذي لا يصح شئ من الحلم دونه.
اليوم أحب أن أقولها من أبعد حجرة في قلبي
أجمل ما تعلمته من هذه السنوات أن الفضل في كل شئ هو فضل الله .. هو سبحانه من يقدر المقادير ..
 ويعطي بغير حساب .. ليس الأمر حظاً .. ذكاءً .. تخميناً .. ولا محاباةٍ اجتماعية .. كلها بإذن ربي ..
إنما هما شيئان : ربٌ رحيم .. ودعوة في ثلث الليل الأخير ..
تعلمتُ ان أحب الجميع  حتى من يسئ إلي ... لأن كرههم يضرني ولا يضرهم 
 عرفتُ أنه بقدر المركز الاجتماعي الذي أتمتع به .. بقدر المسؤولية التي تقع على عاتقي في الموازنة بين حياتي الخاصة و حياتي المهنية ..
 زاد طموحي .. وترتبت أولوياتي .. منذ تلك الليلة وحتى ليلتنا هذه التي صعدتُ فيها منصة الكلمة ..
هاهو حلمي يتحقق .. بالتخرج .. وهاهي القصاصة وجدت لها مكاناً في حفلي .. ووجدت صوتي كي يرسلها إليكم..  وهاهي الليلة  البعيدة كُتب لها الخلود  .. وكلي شكرٌ لله .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد