المتابعون

الأربعاء، 21 يوليو 2010

التسعينية,, ما هي الحياة ؟؟



بالأمس تسلمت أمور مريضة تسعينية تعاني من سلسلة طويلة من المشاكل الصحية منها جلطات متكررة في الدماغ .. لا ترى .. لا تتكلم .. لا تستجيب .. لا تتحرك .. مقعدة في الفراش طوال الست سنوات الماضية على الأقل.. كانت المشكلة التي أتت بها هذه المرة يومان متصلان لم تأكل فيهما ولم تشرب إلا يسيرا جدا جدا .. أحضرها ولدها وشرح لنا حالتها .. المهم وجدنا أن مستوى الصوديوم مرتفع جدا (160 ,, الطبيعي لا يتجاوز 145 ) فقمنا بتنويمها بالمستشفى .. بعد التاريخ المرضي اتجهت حيث الفحص السريري ,, بدأت بالملاحظة والتأمل والسلام .. توقفت حين رأيت صورة من الذاكرة قديمة جدا ( أعتذر عن استعمالي المتكرر لكلمة جدا ) .. خمسٌ من السنوات مضت على هذه الصورة .. ربما .. كنت في صالة الموت في كليتي لأول مرة .. كانت الأجساد الآدمية في كل مكان .. نائمة .. جالسة .. أو حتى واقفة ( أو معلقة في السقف !! ) هذه الملامح التي رأيتها بالأمس القريب لا تختلف أبدا عن الصورة التي لم تختفِ من ذاكرتي منذ سنوات .. الأسنان مفقودة و الشفاه اختفت معالمها و غاصت داخل تجويف فموي جاف و مفتوح دائما .. الجلد تجعد حتى مل منحنياته وخطوطه .. عظام الوجه بارزة لحد مخيف .. كأن الروح تسحب تدريجيا و قد بدأت بالراس و العنق و الجذع والأطراف الأربعة .. فماذا بقي ؟؟ ولماذا أكره هذا الشعور الذي اراه يتسلل من بين الكلمات .. هؤلاء هم أولادها وأحفادها .. لم يقولوها صريحةً لكني سمعتها و امتعضت لسماعها .. نحن ننتظر الــــ ... المرة الماضية من ثمانية أشهر كنا نستعد للــ .. لكن للغرابة مرت ثمانية أشهر !! سبحان من كتب أن تبقى هذه الروح داخل هذا الجسد !! و سبحان من قال :( ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا"الحج/5 .. إما الوفاة أو أرذل العمر .. لا يعلم من بعد علمٍ شيئا .. هي الحيرة التي تصيبنا أنعالج أم لا؟ قد يكون بعض العلاج ضاراً أكثر من نفعه في هذا السن حتى لو احتاجه المريض .. هي الرهبة و انقباضات القلب العنيفة التي تتوالى عند ذكر الموت فمابالك برؤيته ؟؟ ما بالك بالحيرة حين لا تعرف أهي حية أم ميتة ؟؟ هل وجود الروح يكفي لوجود الحياة ؟؟ كم من روحٍ سارت بين البشر بالقتل والتعذيب و الأذى !! وكم من ميتٍ بقي حياً بعمله الصالح وولده الصالح !! وكم أتمنى أن يحسن الله ختامي و ختامها ..

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

الدكتورة والكاتبة المبدعة ... وفقك الله ... فعلا، أسلوبك شيق ورائع للغاية ... سلمت أناملك حبيبتي

د. عليــــــــــــاء يقول...

تسلمي يا غالية

شقيقتي المهندسة و الكاتبة المميزة

سلم لي عمرك يا قلبي


ما أشعر بجمال كلماتي إلا عندما أرى تعليقكم عليها

اسعد الله قلبك